خربشة : تلاطمت أفكاري فصلبتها هنا بدون أي رابط !
كنت عاجزا عن الحركة ، و كأن ذكريات السنة الدراسية تحول دون تقدمي للأمام ، حاولت طردها ببضع حركات رياضية لكنها أبت ، فلم أجد في الأخير من خيار سوى التوجه الى الحمام لعل قطرات المياه التي ستداعب رأسي تحمل أهاتي بعيدا عن أنظاري. تأكدت من دفء المياه ، ثم جعلت خيوطها المنسلة تسري في جسدي كما تجري المياه في الجداول ، حاملة معها أفكاري المترسبة نحو المجهول. بقيت على هذا الحال ، مستمتعا باكسير الحياة الى أن حملني الى الى عالم أخر أو بالأحرى الى عالمي الحقيقي ، هناك حيث كنت ألاقي زائرتي في كل يوم و أتبادل معها كل حلوة و مرة...فتحت عيني لا لرؤيتها ، لأنني أبصرتها ببصيرتي من قبل ، لكنني فتحتهما لكي تنعكس صورتها في مقلتي و تنتشر في أرجاء الرياض الذي التقينا به.
بعد هنيهة اكتشفت على أنني تقلصت ، لم أعد في حجم الحقيقي، يا الهي هل وقع لي ما جرى ل - ALICE AU PAYS DES MERVEILLES -... امتزج حزني لتقلصي ، بفرحة غريبة ، خيلت نفسي أخيرا ألعب دور البطل في رواية ما أو في أحد الرسوم المتحركة. دققت النظر في زائرتي ، فاذا بملامحها تطابق وجه هايبرا الملائكي، هل أصبت بالجنون ؟ يبدو على أنني أعيش في أحلام اليقظة ... بقيت فارغ الفاه لم أصدق ما الذي يحدث أمامي . فتحت شفتي أخيرا لأحيي زائرتي ، فاذا باسم " هايبرا " ينسل من فمي ، ثم بدأ صداه يتردد على مسامعي في انتظار رد صغيرتي. بعد أن التقطت اشارتي، احمرت خدودها و تفتحت كأزهار الشقائق و النعمان ، و فتحت ثغرها بهدوء لترسم أحلى بسمة على أحلى محيى ، و لكي تكتمل الفرحة و نقطف ثمار لقائنا ، شرفتني بسماع صوتها الشجي فقالت :
ـ مرحبا بك في عالم البراءة، هنا يا صديقي ستتخلص من هموم الحياة و شقائها ، هنا ستتعرف على شخصيات قلوبها صافية كاللبن ، روحها طاهرة شفافة كالقشدة و الجبن. هنا يا صغيري الناس لا تنجرف
وراء الثروات و الشهرة و المال. هنا لا يوجد نفاق اجتماعي و لا حقد و لا كراهية .
ـ لكن كيف انتقلت من عالمي المادي الى عالمكم هذا ؟ رجاءا أيقظيني ان كنت غارقا في حلم ...
لم تدع لي الفرصة لأكمل حديثي ، حتى أمسكت بيدي و دعتني لزيارة مدينة الرسوم البريئة .استمتعنا بمداعبة بسام و ماجد و رمزي لكرة القدم ، مداعبتهم لها كان لها طعم خاص ، فهم لا يسعون الى تحطيم الأرقام القياسية في سوق انتقالات اللاعبين ، لكن همهم الوحيد فوز فريقهم و منتخبهم الوطني. حيينا ماوكلي فتى الأدغال الذي يعيش بين حيوانات وفية رعته و حفظته من أيادي البشر. مررنا بجانب داي الشجاع الساعي لنشر الخير و السلام و العدالة في عالمه.حلقنا عاليا مع فلة و الأقزام السبعة في سماء الصفاء ، قابلنا سابق و لاحق ، النمر المقنع ، كونان ، يوغي ، جون، ... ببساطة تعرفنا عن كثب عن كل من رسم البهجة على محيانا في الصغر ، شكرتهم كثيرا على كل خدمة قدموها لي ، على كل قيمة علموني اياها ، رفعت قبعتي لهم اعترافا باخلاصهم و نبلهم في تقديم طبق أخلاق مغلف بالمتعة لما كنا صغارا. تمنيت لو أني بقيت بينهم ، لو أني عشت معهم في عالم المثل، هناك حيث بامكاني الاستمتاع بسيناريو الحياة. حدثتهم عن حياتنا المليئة بالغدر و المكر و السعي وراء الثروة و السلطة ، تألموا كثيرا لسماع هذا ، فرسالتهم البريئة التي أرسلوا اياها الينا في الصغر لم تؤخذ بعين الاعتبار.... أردت أن أغمض عيني و ألوح بيدي لتوديعهم لكنني لم أستطع ، لأنني عدت الى واقعي ، استيقظت من حلم اليقظة و يا ليتني لم أستفق ، عدت الى عالمي مرة أخرى ، هناك حيث يتهمون كوكب الرسوم البريء بكوكب الصغار و يسخرون من كل كبير لازال منغمسا في هذا العالم الساحر. مع الأسف أغلقت صنبور المياه لتغلق معه ينابيع أحلامي، جففت بدني بعد أن جفت أفكاري ، ثم ارتديت ملابسي و ذهبت مباشرة لأشغل حاسوبي و أرتمي في أحضان رسومي المتحركة ، لعلي أنسى أو أتناسى واقعي، لأعيش معهم لحظات صافية :)... كم أحب ذلك الطفل الذي يسكنني و يدفعني للحلم بالعيش معهم.