[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]كيف يمكن لعمدة إحدى المدن التي تموج بالتقنيات أن يجعل الحكومة المحلية مصدرًا مستبعدًا للتواصل
يبدو أن الحكومات تسير على نفس النهج في العالم أجمع: فهناك غرف انتظار يملأ نصفها أشخاصًا ممسكين بالأوراق وموظفين متجهمين ينظمون الصفوف وإضاءة فلورسنت متوهجة تبعث على الضجر تحيط الجميع بهالة من اللون الأبيض والأخضر المتوهج.
إن مجلس المدينة في تاكيو باليابان يعاني تقريبًا من هذه النواحي الجمالية لكن الحكومة التي تعمل هناك مبهجة جدًا. فلتنتقل إلى أعلى الطابق الثالث، واستدر يسارًا عند الخنازير الصغير المكدسة، وستجد نفسك عند مكاتب فريق "الخنازير البرية" وهي مجموعة متخصصة في تقليص عدد الخنازير العدوانية المزعجة في مدينة تاكيو من خلال تحويلها إلى مواد غذائية. لقد تحولت إلى طعام شهي ولم يعد المزارعون قلقون كثيرًا من مواجهة الخنازير الهائجة. هل هذا غير تقليدي؟ قليلاً. ولكنه فعال.
قد ترشدك الخنازير إلى مكانة تاكيو في اليابان: فحسب المعايير شديدة الحضرية في البلاد، تعد مدينة تاكيو مدينة ريفية وهي تقريبًا في موقع متوسط بعيد. تقع تاكيو في مقاطعة ساجا، جنوبي جزيرة كايوشو، ويبلغ عدد سكانها أكثر من 50 ألف نسمة بيد أنها تعتبر قرية صغيرة بالنسبة لأقرب المدن إليها، فيوكيوكا ونجازاكي. يقول عمدة تاكيو على مدار السنوات الست الماضية كيسيو هيواتاشي "عندما ألقيت محاضرة في طوكيو، لم يكن أحد من الحضور يعلم شيئًا عن تاكيو" "وعندما بدا أن شخص ما يعلم بتلك المدينة، تبين أنه التبس بين تاكيو ومكان يحمل اسمًا مشابهًا في كمبوديا".
بالنسبة لهيواتاشي، كانت عدم الشهرة والعزلة النسبية بمثابة فرصة للمدينة لأن تخوض غمار التجربة، فاستغل مدة ولايته في اختبار الحدود الخارجية. فكان فريق "الخنازير البرية" أحد تلك المشروعات، وخصخصة مستشفى المدينة مشروع آخر، فكانت تلك المشروعات هي التي دفعته للترشح ثانية لهذا المنصب ونجح في الفوز به. ثم أصبح في المدينة بعد قليل "قسم Saga no Gabai Baachan" الذي يقدم الكثير كموقع لفريق الأعمال الكشفية في المسلسل الشهير Fuji TV مع الأطعمة، ليجذبوا الفريق للتصوير في تاكيو.
ولكن بدأت التجربة الأشهر للعمدة هيواتاشي - التجربة التي جذبت العمداء الآخرين جنوبًا إلى تاكيو لعقد المنتديات والمؤتمرات السنوية - تجربة جهود إعادة التعريف بالقرية والتي تطورت لتصبح أقرب ما يكون من مدينة ناشئة. في أغسطس 2012، أعلنت تاكيو عن نفسها بوصفها "مدينة فيس بوك" بعد أن ألغى العمدة موقع الويب الرسمي للمدينة من أجل إنشاء صفحة فيس بوك. ثم طلب من كل شخص في إدارته أن ينشئ حسابًا على فيس بوك ليكون متاحًا في معظم الأوقات للتواصل مع سكان تاكيو ولمشاركة التحديثات حول المبادرات المحلية المختلفة.
"لقد عارض البعض الفكرة معارضة شديدة! وتساءلوا "ما هذا الهراء؟" يقول هيواتاشي ضاحكًا. "ولكن كلما زادت معارضة أمر ما، زادت الفرص في تحقيقه للنجاح، ألا توافقني الرأي؟"
يقول هيواتاشي إن القدرة على تنفيذ تلك التحولات، وتنفيذها سريعًا، يعد جزءًا من متعة أن تكون عمدة. لقد كان يطمح أن يكون العمدة منذ أن كان يستمع إلى خطبة أحد العمداء في المدرسة الثانوية، وكان يمتلك إرادة حديدية للحصول على هذا المنصب. ولكن كان هذا يعني في المقام الأول أنه سيتنقل في الوظائف الحكومية في طوكيو والحكومة المحلية في أوكيناوا، حيث كانت البيروقراطية تخنقه. فهناك كان يستحيل تنفيذ مشروع مثل مشروع فيس بوك (على الأقل لم يحن الوقت بعد).
يقول هيواتاشي "سيكون هذا عظيمًا في توفير الوقت، فعملية صنع القرار لن تستغرق وقتًا طويلاً". "ففي عالم اليوم، قد يصبح استغراق وقت طويل في صنع القرار أمرًا كارثيًا".
حتى الآن، تبدو صفحة فيس بوك فكرة ناجحة. فلقد أعجب أكثر من 20 ألف شخص بتلك الصفحة ويحصلون على آخر الأخبار. وينشر المنشورات فريق مدينة فيس بوك بالمدينة اليابانية تاكيو، وهو فريق من كتاب ومصورين يوثقون كل شيء بدءًا من تساقط الأوراق في الخريف إلى التوقف في مرفأ جمع القمامة وحتى الإجازات. ويظل هيواتاشي متواصلاً عن قرب - فكل منشور ينشر على الصفحة يبدي العمدة إعجابه به.
لقد انتقلت الرغبة في التجربة إلى أعضاء إدارته، فالكثير منهم أو جميعهم تعلق كثيرًا بفكرة فيس بوك سريعًا. فكان من بين البرامج الأولى التي أطلقت برنامجًا تجاريًا محليًا يطلق عليه اسم Fun Buy Takeo، وهو أحد الصفحات الفرعية لصفحة مدينة تاكيو على فيس بوك. تركز اليابان بصورة خاصة على المنشأ المحلي للمنتجات، فهناك مناطق معينة تشتهر كثيرًا بمنتجات خاصة لا توجد في غيرها، وكانت صفحة "Fun Buy" تركز على ما تتميز به مدينة تاكيو: من أمثلة المنتجات الرائجة المنتجات الفخارية وحشيشة الليمون.
وكان على رأس تلك المجهودات تاكاهيرو كوجا، الذي عينه هيواتاشي من أحد أقسام المبيعات في شركة حديد وصلب في الجوار. ويقول كوجا أنه لم يتلق أمرًا من العمدة إلا بأن "يختار ما يراه مثيرًا للاهتمام". وحتى يتسنى له تحديد المنتجات التي يريد التركيز عليها، استضاف معرضًا ووجه الدعوة للتجار المحليين ليعرضوا منتجاتهم. ومن بين الخمسين الذين حضروا المعرض، اختار كوجا 30 شخصًا للمشاركة في صفحة "منتجات متعة الشراء.
لقد ذاع صيت تلك الجهود وقام كوجا بترخيص تلك العملية، لتتمكن المدن الأخرى من تبني تلك الفكرة وتشغيل أسواق المنتجات المحلية الخاصة بها. ومن بين المجالس المحلية البالغ عددها 1700 مجلس في اليابان، يقول كوجا أن ما يقرب من 60 مجلسًا سينشئون صفحة "Fun Buy" الخاصة بهم بنهاية هذا العام. ومن كل مدينة جديدة تنشئ البرنامج، تحصل حكومة مدينة تاكيو على رسوم. لقد كان ذلك مصدر غير متوقع للربح، وأصبح يساهم مساهمة بسيطة في تخفيف عبء الديون التي يقول هيواتاشي أنها تواجه المدينة منذ تولي منصبه.
يوجد في مدخل مجلس المدينة الآن ركن صغير مزين بالنقوش به لوحات رأسية كبيرة تذكر أسماء المدن التي أرسلت وفودًا إلى تاكيو. فهذا الاهتمام الذي حققه مشروع فيس بوك في جميع أرجاء اليابان أثلج حقًا صدر العمدة. "لقد أصبح الجميع يعرف مدينة تاكيو".