[size=32]" القبلة الأخيرة ” – قصة قصيرة -إدريس البيض[/size]
[size=32]كعادتها و هي في حضن أمها المستلقية على السرير بعد يوم من العمل الشاق في الحقل ، ظلت أعين الفتاة الصغيرة في ربيعها الخامس شاخصة نحو نجوم السماء المتلألئة في انتظار نوم ظل يجافي جفنيها منذ مقتل أبيها على يد الجنود الغرباء . في لحظة ما خيل لها أنها سمعت هدير طائرة خافتا ، مر الأمر بسرعة و لم تعره اهتماما و استمرت تنظر إلى الفضاء الفسيح مستمتعة بمنظر النجو[/size][size=32]...[/size][size=32]م التي بدا أن عددها صار أكثر و بعضها أخذ يتساقط على أطراف القرية يصحبه وميض هائل و ارتجاج يهز أركان البيت . استيقظت الأم لهول الأمر فحملت ابنتها بسرعة ، فتحت الباب و حاولتا النجاة بنفسيهما من جحيم القصف ، لكن زلة قدم أسقطتهما على عتبة البيت . كان الأمر مؤلما للأم و هي تحاول الوقوف من جديد على رجل مكسورة ، و في لحظة إحساس شديد بالعجز و الرعب ضمت الأم ابنتها إلى صدرها بقوة و أسندتها إلى الأرض محاولة حمايتها من لهيب النيران . مع بزوغ شمس الصباح ، كان الأهالي يتفقدون ما تبقى من منازل قريتهم المنكوبة ، ليجدوا جثتان لامرأة و فتاة . كانت جثة منى و هي تنظر إلى السماء في حضن أمها التي رسمت على جبين صغيرتها قبلتها الأخيرة .[/size]