كل يوم استقيظ وانا العن نفسي والعن حياتي والعنك . كل يوم .. العن جو مدينتا الخانق .. الذي يجعل ملابسي وشعري يلتصقان بجسدي ، العن الغبار الذي يكتم انفاسي والعن رجلاي التي لا تقويان حمل جسدي الهزيل والعن هذا الالم الغريب الذي يغزو كل جسدي ويختفى اثناء فحص الاطباء والعن ذلك النعاس الغريب الذي ينتابني نهارا ويخاصمني ليلا ..
العن تلك الحافلة المهترئة التي تقلتي كل يوم الى عملي متأخرة .. العن سائقها الذي يصر ان يخلط صوت فيروز الطاهر برائحة العرق والاحذية وباحاديث الركاب التافهة .. وتلك العجوز الواقفة التي تسلط على نظراتها لتجعلني اشفق على حالها واتنازل لها عن مقعدي ولكنني لا افعل .. فلا احد يستحق الشفقة اكثر مني .. لا احد .
انا لحبيبي وحبيبي الي .. لا يعتب حدا ولا يزعل حدا .. انا لحبيبي وحبيبي الي
لا اعلم لما بمجرد ما سمعتها حتى تذكرتك يا -باقي- ، شعرت وكأن الحافلة خالية من الركاب وكل ذلك الالم زال
شعرت بنشوة غريبة وتذكرت شيئا من حياتنا السابقة وانا التي لم اعد قادرة على تذكر شيء
افترش ذلك الكرسي وراء مكتبي المواجه لاشعة الشمس الحارقة والغير مكيف .. بعد ان اكون قد سمعت تلك المحاضرة الطويلة عن تأخري الدائم من مديرتي اللئيمة ، ولابد ان الفراشة ام محمود الئم منها لتعرض علي في مثل هذه الظروف فنجان قهوة ساخن ، بمجرد مافكرت بالامر حتى شعرت بدوار والاام شديدة في كل جسدي ورغبة في التقيأ .. في تقيأ بقايا السمك التي تناولته على الغداء وفجأة بدأت بالتعرق وشعرت ان رائحة السمك تفوح من جسدي ودونما تفكير حملت حقيبتي عائدة الى منزلي غير ابهة بالمبلغ الذي سيحسم مني .. وان لا افكر في شيء سوى النوم .. النوم فقط ، وانا ادعو ان لا يكون زوجي في المزل حتى لا يحدث لي فوضى وانام مرتاحة رغم انني متأكدة انه سيكون هناك ، فأنا وزوجي نكون في المنزل في اوقات مختلفة .. ربما هو يعمل ليلا ، انا لا علم ماذا يعمل بالضبط ، ربما لانه بدون عمل رسمي .. في الحقيقة ان زوجي لا زال يبحت عن عمل لكن بدون جدوى
اتعلم مامعنى ان يحتد بك الالم والوهن لدرجة انك ترغب في ان تتنازل عن جسدك وعقلك وحياتك ؟ واي حياة ملعونة هذه ؟؟ والعن للمرة المليون ذلك الدرج الذي صعدته زحفا عندما تذكرت ان الثلاجة معطلة وتصرخ معدتي الما وانا اتذكر انني سأشرب ماء ساخنا .. ادحرج جسدي على الدرج نزولا وادخل الى المحل اسفل العمارة واشتري زجاجتي ماء وبعض الثلج لاضعه على جسدي عله يخفف بعض الالم
لكن الالم الذي نولد به لا بزول بل يزيد يزيد اكثر ، هذا ما تأكدت منه وانا افتح باب شقتي المستأجرة المكونة من غرفتين فقط ومطبخ ... هذا ما تاكدت منه وانا اقترب من غرفة نومي وانا اسمع صوت قهقهة زوجي وكلامات غزل وحب واشياء اخرى ..
عندما فتحت باب الغرفة انتفض من على السرير واغلق الهاتف مباشرة وسألني
- عايشة ؟ لما انت هنا ؟ اليس من المفروض ان تكوني في العمل
- اجل ، لكنني متعبة جدا . وطلبت اجازة .. لانني متعبة ومنهكة جدا .. وفكرت في انني في حاجة للنوم .. للنوم يا باقي
وفجأة رن هاتفه مقاطعا حديتي .. نظر الي بارتباك ونظرت اليه في اسف ونظر كل منا الي بعض .. وقبل ان يوجه اصبعه ليقطع الاتصال قلت له
- انا متعبة جدا ، وارغب في النوم .. تعلم انني لا استطيع النوم واحدهم يتحدث بجانبي .. يمكنك ان تكمل حديثك الهاتفي في الغرفة الاخرى وتتركني انام هنا وارتاح
ولا توقظني ، ولا توقظني مهما يحدث .. لا توقظني ابدا .